الطَّمع ضارّ
في الحرب الكبرى الأولى لمّا استسلمت ألمانيا للحلفاء، وانسحبت الجيوش الألمانيّة التركيّة من بلادنا، ساد الدوائر فوضى نادرة واستهتر الناس بالقوانين، واستباحوا سلب مخلّفات الدولة المقهورة وما ضمّته مستودعاتها من الذخائر.
وفي ذات يوم، دخل قرويّ مستودعًا وحمل ما استطاع حمله من بنادق مختلفة وأمتعة أخرى ثمينة وانصرف.
وكان هذا المستودع في قرية من لبنان؛ وما جاوز بعيدًا عنها حتّى غرّه الطمع، وحدّث نفسه قائلًا: لأخبّىء هذه الغنيمة في هذا الكهف ولأَعُد إلى اكتساب غنيمة ثانية قبل نفاذ الذخائرُ. والتفت ذات اليمين وذات اليسار وحدّق بناظريه إلى كلّ الجهات، ولمّا لم يرَ أحدًا، أنزل حمله عن ظهره وأخفاه في تلك الغيضة وقفل راجعًا إلى حيث كان.
ولكنّه لم يلاق شيئًا، فهرع إلى الكهف ليعود إلى بيته بغنيمته المخبّأة، ولمّا وصل لم يجد شيئًا في المخبأ، لأنّ أحد القرويين راقبه، وفي أثناء أوبته جاء وأخذ الذخيرة غنيمة باردة.
فأسف أسفًا شديدًا وحزن حزنًا مؤلمًا. وأخذ يلوم نفسه على طمعه ولكن من دون جدوى، فعاد إلى بيته صفر اليدين خائبًا.
يوسف س. نويهض